مؤشر كوسبي يسجل مستوى قياسياً فيما يتراجع حجم تداول العملات المشفّرة في كوريا الجنوبية

يشهد المشهد المالي في كوريا الجنوبية تحولاً كبيراً، إذ وصل المؤشر الرئيسي للأسهم «كوسبي» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، بينما انهارت أنشطة التداول في منصات العملات المشفّرة المحلية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ. الاتجاه الذي أشار إليه الرئيس التنفيذي لشركة «كريبتو كوانت» كي يونغ جو، يعكس تزايد تفضيل المستثمرين للأسواق التقليدية على حساب الأصول الرقمية.

ارتفاع قياسي لمؤشر كوسبي

وفقاً للبيانات التي نشرها كي يونغ جو، تجاوز مؤشر كوسبي مستوى 4200 نقطة في 3 نوفمبر، في أقوى أداء له منذ تأسيسه. وواصل المؤشر ارتفاعه المستمر طوال العام، ما يعكس حالة من التفاؤل المتجدد في أسواق الأسهم الكورية الجنوبية.

يشير محللون إلى أن هذا الارتفاع قد لا يكون طبيعياً بالكامل. إذ يرى بعضهم أن الحكومة الكورية الجنوبية تشجّع بنشاط المشاركة في سوق الأسهم، ضمن استراتيجية أوسع لإعادة توجيه السلوك المضاربي بعيداً عن قطاعات متضخّمة مثل العقارات والعملات المشفّرة. وعلّق أحد مستخدمي منصة «إكس» بأن الرئيس «يدفع بقوة نحو دعم سوق الأسهم» لتهدئة المضاربات العقارية وكسب الدعم الشعبي وسط تحديات قانونية متعددة. وأيّد كي يونغ جو هذا الرأي، مما يعزز الاعتقاد المتزايد بأن الحوافز المدفوعة بالسياسات تقف وراء هذا الارتفاع.

تراجع حجم تداول العملات المشفّرة إلى مستويات متدنية قياسية

في المقابل، انهارت أنشطة التداول في أكبر خمس منصات عملات مشفّرة في كوريا الجنوبية، وهي: Upbit وBithumb وCoinone وKorbit وGopax. وتشير بيانات «كريبتو كوانت» إلى تراجع حاد في حجم التداول اليومي، من 17.1 تريليون وون كوري في أواخر عام 2024 إلى 3.2 تريليون وون فقط بحلول يونيو 2025، أي بانخفاض تجاوز 80%.

وجاء هذا الانخفاض رغم ارتفاع سعر بيتكوين عالمياً، ما يشير إلى أن المستثمرين الأفراد في كوريا باتوا يبتعدون عن العملات المشفّرة رغم المكاسب في السوق العالمية. ويعد ذلك من أعمق التراجعات في تاريخ سوق التشفير الكوري، ما يعكس تغيراً جذرياً في معنويات المستثمرين.

كما أثّر هذا التراجع في نشاط التداول على ما يُعرف بـ«علاوة الكيمتشي»، وهي ظاهرة سوقية تُتداول فيها العملات المشفّرة في كوريا بأسعار أعلى من المتوسطات العالمية. ومع انخفاض حجم التداول، تلاشت هذه العلاوة تدريجياً، مما قلّل من جاذبية المضاربة.

السياسة الحكومية ونفسية السوق

يرى مراقبون أن مساعي الحكومة لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية بدأت تؤتي ثمارها، لكنها قد تكون في الوقت نفسه قد كبحت الابتكار في قطاع العملات المشفّرة. فمن خلال جعل الأسهم أكثر جذباً وتشديد الرقابة على تداول الأصول الرقمية، يبدو أن صناع القرار يعيدون تشكيل وجهة تدفقات أموال المستثمرين الأفراد. ويؤكد منشور كي يونغ جو أن القرارات الاقتصادية الكلية والضغوط السياسية يمكن أن تعيد توجيه مسار أسواق كوسبي بأكملها. فالمستثمرون الذين كانوا يسعون وراء أرباح سريعة من العملات المشفّرة، أصبحوا الآن يبحثون عن العوائد في سوق الأسهم.

تحوّل في تركيز المستثمرين

يبدو أن الزخم المالي في كوريا الجنوبية ينتقل من حدود الأصول الرقمية إلى الأسواق التقليدية. فبينما يسجل مؤشر كوسبي أرقاماً قياسية، تهبط أحجام تداول العملات المشفّرة إلى مستويات تاريخية متدنية. وقد وجدت الطاقة المضاربية في البلاد موطناً جديداً، مدعوماً بالسياسات الحكومية والتوقيت السياسي أكثر من الضجة حول البلوكشين. وما إذا كان هذا التحول سيستمر أو سينعكس في الدورة السوقية القادمة، يبقى غير مؤكد. لكن في الوقت الراهن، تتألق الأسهم، بينما فقدت العملات المشفّرة قبضتها القوية السابقة على المتداولين الكوريين بشكل ملحوظ.