رحلة بيتكوين الطويلة نحو الأمان بعد حقبة الحوسبة الكمية بدأت بالفعل

دخل النقاش حول أمن بيتكوين مرحلة جديدة وملحّة. فمع تسارع أبحاث الحوسبة الكمية عالمياً، تتزايد المخاوف من المخاطر التي قد تهدد الأنظمة التشفيرية مستقبلاً. ويحذّر خبراء القطاع من أن ترقية بيتكوين لتتوافق مع معايير الأمان بعد الكمي لن تكون سريعة. ووفقاً لجيمسون لوب، الشريك المؤسّس لشركة Casa، قد يستغرق الأمر ما بين خمس إلى عشر سنوات على الأقل.

تستمد بيتكوين قوتها من اللامركزية، لكن هذه السمة نفسها تُبطئ أي تغييرات تقنية كبرى. فعلى عكس الأنظمة التقليدية، لا تمتلك بيتكوين سلطة مركزية تفرض التحديثات. كل تطوير يتطلب اتفاقاً واسعاً بين المعدّنين والمطوّرين ومشغّلي العُقد والمستخدمين. وهذا الواقع يجعل تحقيق الأمان بعد الكمي تحدياً معقّداً وطويل الأمد.

ومع تطور الحوسبة الكمية، يواجه قطاع العملات المشفّرة أسئلة صعبة. هل يمكن لبيتكوين أن تتكيّف بالسرعة الكافية دون التخلي عن قيمها الأساسية؟ وهل سينقل المستخدمون أموالهم قبل أن تتحول المخاطر إلى واقع؟ هذه النقاشات باتت تشكّل ملامح التخطيط لأمن بيتكوين بعد الكمي عبر مختلف أنحاء المنظومة.

LATEST: 🔐 Upgrading the Bitcoin protocol to be post-quantum security standards may take at least 5-10 years due to the protocol's decentralized consensus model, according to Casa co-founder Jameson Lopp. pic.twitter.com/8dzJhK9HI8

— CoinMarketCap (@CoinMarketCap) December 22, 2025

لماذا تثير الحوسبة الكمية أسئلة خطيرة بشأن أمن بيتكوين؟

تقدم الحوسبة الكمية نوعاً جديداً من القدرات الحسابية. فخلافاً للآلات التقليدية، يمكن لأجهزة الحوسبة الكمية حل بعض المسائل بشكل أسرع بكثير، ما يخلق تهديداً محتملاً للأنظمة التشفيرية التي تعتمد على أساليب التشفير الحالية.

تستخدم بيتكوين اليوم التشفير القائم على المنحنيات البيضوية لحماية المفاتيح الخاصة. إلا أن خوارزميات كمية مثل خوارزمية Shor قد تتمكن مستقبلاً من كسر هذه الحماية. ورغم أن أجهزة الحوسبة الكمية الحالية لا تمتلك القوة الكافية بعد، يتوقع الخبراء تسارع التطور خلال العقد المقبل.

المخاوف لا تتعلق بانهيار وشيك، بل بفترة التحضير. فعندما يصبح جهاز كمي قوي متاحاً، قد يستهدف المهاجمون المفاتيح العامة المكشوفة. ولهذا السبب يجب بدء التخطيط لأمن بيتكوين بعد الكمي قبل سنوات من ظهور التهديد الفعلي.

التشفير بعد الكمي ما زال في طور التطوير

لا يزال التشفير بعد الكمي بعيداً عن كونه منتجاً نهائياً. فالباحثون يواصلون اختبار خوارزميات مقاومة للهجمات الكمية وقادرة على العمل بكفاءة. بعض الأنظمة المقترحة تزيد حجم المعاملات أو المتطلبات الحسابية.

وعلى بيتكوين الموازنة بين الأمان وقابلية الاستخدام. فالتوقيعات التشفيرية الأكبر تعني بلوكشين أكبر وتكاليف شبكة أعلى. كما يجب على المطورين تقييم ما إذا كانت الخوارزميات الجديدة ستحافظ على اللامركزية دون تفضيل المشغّلين الكبار.

هذا الغموض يبطئ عملية التبنّي. فلا يمكن لبيتكوين أن تلتزم بنظام قد يثبت مستقبلاً أنه غير مناسب. ولذلك تحتاج المنظومة إلى الانتظار حتى تنضج المعايير قبل الدفع نحو ترقية بروتوكول عالمية.

ماذا يحدث إذا تجاهل المستخدمون التحذيرات؟

تُظهر بعض عناوين بيتكوين القديمة مفاتيح عامة مكشوفة. ومع نضوج الحوسبة الكمية، قد ترتفع المخاطر على هذه العناوين. وإذا تجاهل المستخدمون التحذيرات، فقد يستهدف المهاجمون المحافظ الخاملة.

هذا الاحتمال يفتح نقاشات تقنية وأخلاقية. هل يجب أن تفرض بيتكوين على المستخدمين الترقية؟ أم تبقى المسؤولية فردية؟ هذه الأسئلة تكشف التوتر بين الأمان والحرية الفردية. فالتهديد الحاسوبي يفرض على بيتكوين التعامل مع تحديات تتجاوز البرمجة، ليشمل الحوكمة والتوعية وسلوك المستخدم.

ما الذي قد يحمله العقد المقبل لأمن بيتكوين؟

السنوات الخمس إلى العشر المقبلة ستكون حاسمة لمستقبل التشفير في بيتكوين. وستتصدر الأبحاث والاختبار والتنفيذ التدريجي النقاشات. بينما يبقى الإجماع المجتمعي العامل الحاسم.

قد تُسرّع الاختراقات العلمية في الحوسبة الكمية الجدول الزمني. وقد يتباطأ التقدم أكثر مما يُتوقع. وفي كلتا الحالتين، يؤكد ذلك الحاجة إلى التخطيط المبكر. فمسار بيتكوين نحو الأمان بعد الكمي يمثل واحداً من أهم ترقياتها على الإطلاق. وقد تكون الرحلة طويلة، لكنها تعكس التزام بيتكوين بالمتانة واللامركزية.