استثمار «ويلز فارجو» في صناديق بتكوين المتداولة يعكس دخولاً كبيراً إلى عالم العملات الرقمية

أقدم بنك «ويلز فارجو»، أحد أكبر البنوك في الولايات المتحدة بأصول تتجاوز 2 تريليون دولار، على خطوة لافتة في سوق العملات الرقمية. ووفقاً لمنشور على منصة «إكس» للمحلل المتخصص في العملات الرقمية Ash Crypto، اشترى البنك صناديق مؤشرات متداولة (ETF) لبتكوين بقيمة 130 مليون دولار. ورغم أن هذا المبلغ قد يبدو صغيراً بالنسبة لمؤسسة بهذا الحجم، فإنه يمثل تحولاً كبيراً في الموقف. فبدلاً من الاكتفاء بالوقوف على الهامش، ينضم «ويلز فارجو» الآن إلى عمالقة وول ستريت الآخرين في التعامل بجدية أكبر مع بتكوين، ما يعكس دخول الأصول الرقمية إلى التيار المالي الرئيسي.

بنك حذر سابقاً، أكثر ثقة اليوم

لسنوات طويلة، لم يكن «ويلز فارجو» واثقاً من العملات الرقمية. اعتاد البنك تحذير عملائه من المخاطر المرتبطة بها مثل التقلبات والاحتيال، وتجنّب الانخراط المباشر فيها. لكن هذا النهج الحذر يتغير بسرعة.

فوفقاً لإفصاحات حديثة لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC)، تجاوزت استثمارات «ويلز فارجو» في صناديق بتكوين المتداولة الآن 160 مليون دولار، بعدما كانت لا تتعدى 26 مليون دولار في الربع الأول من عام 2025. وذهب معظم هذا الاستثمار إلى صندوق «iShares Bitcoin Trust» التابع لـ «بلاك روك» (IBIT)، وهو أكبر وأشهر صندوق بتكوين فوري في الولايات المتحدة.

هذا لا يعد مجرد اختبار محدود، بل هو زيادة بمقدار ستة أضعاف في غضون أشهر قليلة، ما يؤكد أن البنك بات يتعامل مع الأصول الرقمية بجدية غير مسبوقة.

لماذا اتخذ «ويلز فارجو» هذه الخطوة؟

أولاً، صناديق الـETF أسهل وأكثر أماناً من شراء بتكوين مباشرة. فالبنك لا يحتاج إلى القلق بشأن المحافظ الرقمية أو المفاتيح الخاصة أو التعقيدات التقنية. إنها وسيلة للحصول على تعرض مباشر لبتكوين مع الالتزام الكامل بالقوانين المصرفية.

ثانياً، العملاء يطالبون بذلك. فكل من المستثمرين الأثرياء والمستثمرين الأفراد يرغبون في الحصول على حصة من سوق العملات الرقمية، ولا يمكن للبنوك تجاهل هذا الطلب المتنامي.

وأخيراً، تغيّرت صورة بتكوين نفسها. فعدد متزايد من المستثمرين بات يعتبرها «ذهباً رقمياً»، ووسيلة للتحوط ضد التضخم وتوزيع المخاطر.

هذه العوامل مجتمعة جعلت التوقيت مناسباً بالنسبة لـ «ويلز فارجو».

ليس وحده في الساحة

خطوة «ويلز فارجو» تأتي ضمن توجه أوسع. إذ رفعت مؤسسات كبرى في وول ستريت، مثل «كانتور فيتزجيرالد» و«جين ستريت»، من استثماراتها في صناديق بتكوين المتداولة. حتى صناديق استثمار سيادية كبيرة مثل «مبادلة» في أبوظبي ما زالت تحتفظ بهذه الصناديق.

كل هذه التحركات تشير إلى أن العملات الرقمية لم تعد شيئاً يمكن للقطاع المالي التقليدي تجاهله. فهي تتحول تدريجياً إلى جزء أساسي من عالم الاستثمار.

لماذا يظل مبلغ 130 مليون دولار مهماً؟

قد يقول البعض إن 130 مليون دولار رقم ضئيل مقارنة بالميزانية العمومية الضخمة لـ «ويلز فارجو» البالغة 2 تريليون دولار. وهذا صحيح. لكن الأهمية هنا ليست في حجم الاستثمار بقدر ما هي في الرسالة التي يوجهها.

فعندما يبدأ أحد أكبر البنوك الأميركية في ضخ أموال حقيقية في صناديق بتكوين المتداولة، فإنه يضفي مزيداً من المصداقية على القطاع. كما يوضح للمؤسسات المتحفظة أنه يمكن دخول السوق الرقمية عبر أدوات منظمة من دون الانغماس المباشر في أسواق غير منظمة.

الصورة الأشمل

خطوة «ويلز فارجو» لا تعني أن العملات الرقمية باتت خالية من المخاطر أو مضمونة النجاح. لكنها تبرز مدى التطور الذي وصل إليه القطاع. فقبل سنوات قليلة، كان من المستحيل تصور أن بنوكاً كبرى قد تحتفظ ببتكوين. اليوم، يحدث ذلك بهدوء عبر صناديق متداولة منظمة.

أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فالرسالة واضحة: العملات الرقمية لم تعد حكراً على الرواد الأوائل أو محبي المخاطرة. وول ستريت لم تعد تكتفي بالمراقبة، بل بدأت بالتحرك الفعلي.