رئيس هيئة الأوراق المالية الأميركية بول أتكينز يشير إلى تحول كبير في قواعد تنظيم توكنات الكريبتو

في مؤتمر SALT، صرّح رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) بول أتكينز بأن جزءاً بسيطاً فقط من توكنات الكريبتو يجب اعتباره أوراقاً مالية. هذه التصريحات تمثل ابتعاداً جذرياً عن النهج المتشدد الذي اتبعه الرئيس السابق غاري غينسلر، الذي ركّز بشكل واسع على إنفاذ القوانين. فبحلول عام 2023، كانت الهيئة قد رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية ضد شركات كريبتو، من بينها كوينباس وبينانس وريبل. وانتقد أتكينز هذه السياسة مؤكداً أنها أضرت بالمنافسة، إذ لم تكتفِ بتصدير الابتكار خارج الولايات المتحدة بل حدّت منه محلياً أيضاً. الدور الجديد يقلّص نطاق اختبار Howey ويمهد الطريق نحو وضوح تنظيمي أكبر.

مشروع الكريبتو والاستراتيجية الأميركية الجديدة

ربط أتكينز تصريحاته بمبادرته الأساسية المسماة “مشروع الكريبتو”، التي أُعلن عنها في يوليو 2025. يسعى المشروع إلى وضع تعريفات واضحة لأنواع التوكنات المختلفة: أوراق مالية، سلع، عملات مستقرة، أو توكنات خدمية. كما يضع استثناءات لدعم الابتكار، تشمل “الملاجئ الآمنة” لمشاريع المنصات الناشئة، مثل عروض الطرح الأولي (ICOs) وتوزيعات التوكنات المجانية (Airdrops). وقد شُكِّلت فرقة عمل خاصة بقيادة المفوضة المؤيدة للكريبتو هيستر بيرس، بهدف تسريع تنفيذ هذه التغييرات. وتقدّر غرفة التجارة الأميركية أن هذه الخطوة قد تدفع استثمارات البلوكشين إلى ما بين تريليون و3 تريليونات دولار خلال العقد المقبل.

السباق الدولي على تنظيم الكريبتو

يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه المنافسة العالمية لتصدر مجال البلوكشين. فقد شهدت بعض الدول قفزة بنسبة 30% في استثمارات البلوكشين مقارنة بجيرانها الذين اعتمدوا سياسات غامضة. على سبيل المثال، برزت دول مثل سويسرا وسنغافورة والإمارات، بفضل أطر تنظيمية واضحة وحاضنات توفر قواعد وإرشادات مرنة. في المقابل، كانت الولايات المتحدة متأخرة بسياساتها السابقة التي اتسمت بالحذر المفرط. لكن تعيين أتكينز العام الماضي عزز ثقة الأسواق، ما دفع البيتكوين إلى تجاوز مستوى 100,000 دولار لفترة وجيزة في أواخر عام 2024.

رد فعل القطاع والأسواق

قال قادة الصناعة إن الخطوة تمثل “إعادة ضبط تنظيمية” طال انتظارها من جانب أتكينز. واعتبر متابعو الكريبتو على وسائل التواصل الاجتماعي أنها انعطافة بزاوية 180 درجة مقارنة بنهج غينسلر. أما الأسواق فقد أظهرت تفاؤلاً حذراً، إذ يجري تداول البيتكوين حول 98,000 دولار، بينما ارتفع الإيثر إلى 3,200 دولار بتاريخ 20 أغسطس 2025.
لكن المعارضين حذروا من أن ضعف الرقابة سيترك المستثمرين عرضة لفضائح استثمارية وتلاعب بالسوق. وأشارت جمعيات حماية المستهلك إلى انهيارات سابقة مثل إف تي إكس (FTX) كمثال على مخاطر غياب الإشراف الكافي. ويبقى السؤال المطروح اليوم: هل ستتمكن هيئة الأوراق المالية من صياغة لوائح متوازنة تخدم الابتكار وتحمي في الوقت نفسه مصالح المستثمرين؟