تقول شركة توتال إنرجيز إن حظر الغاز في الاتحاد الأوروبي قابل للإدارة، وقد يخفف التضخم ويساعد العملات المشفرة

ربما لم تعد أوروبا رهينة الغاز الروسي. في تصريح قد يُغيّر المشهدين المالي والطاقوي، صرّح باتريك بويانيه، الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز، بأن الاتحاد الأوروبي أصبح قادرًا الآن على إدارة حظر كامل على الغاز الطبيعي الروسي. وبفضل تحسّن مرونة الطاقة، وخاصةً من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال، انخفض اعتماد أوروبا عليه بشكل حاد.

تأتي تصريحات بويانيه في ظل تجدد الدعوات السياسية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي لقطع ما تبقى من علاقات الطاقة مع روسيا وذكر: «يمكننا الاستغناء عن الغاز الروسي»، مشيرًا إلى أن تدفقات الغاز الطبيعي المسال العالمية والاحتياطيات المحلية توفر الآن ما يكفي من الاحتياطي. هذا الادعاء الجريء يحمل ثقلًا اقتصاديًا كبيرًا على مستوى شامل. بينما تواصل أوروبا مواجهة تحديات التضخم، استراتيجيات الطاقة، والمخاطر الجيوسياسية،

تراجع صدمة الطاقة، وتراجع مخاوف التضخم

خلال الفترة 2022-2023، كانت صدمات الطاقة هي المحرك الرئيسي لارتفاع التضخم في الاتحاد الأوروبي. تعتبر أسعار الغاز الطبيعي محور هذه الأزمة. وهذا أدى إلى سلسلة من ردود الأفعال: قام البنك المركزي الأوروبي بزيادة أسعار الفائدة بشكل كبير بهدف السيطرة على التضخم. وهذا بدوره أسفر عن تراجع النمو وانخفاض استثمار المستثمرين في الأصول ذات المخاطر العالية، بما في ذلك العملات الرقمية.

إذا كانت أوروبا قادرة على تحمل نقص كامل في الغاز الروسي، فقد يدل ذلك على إمكانية تراجع الضغوط التضخمية الناتجة عن زيادة أسعار الطاقة. ومن الممكن أن يتبنى البنك المركزي الأوروبي سياسة نقدية أقل تشددًا، مما يمهد الطريق لاستئناف الميل إلى المخاطرة.

لقد لعب التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، ووجود موردين بديلين مثل الولايات المتحدة وقطر، دورًا في تغيير هذا التوجه. فما بدا يومًا ما سيناريوً كارثيًا في قطاع الطاقة، أصبح الآن أكثر قابلية للإدارة.

فوز لاستقرار السوق وزيادة شهية العملات المشفرة

في عالم العملات الرقمية، المتأثر بالمخاطر، يتم غالبًا ترجمة الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي إلى حركة صاعدة. مع تراجع مخاوف أزمة الطاقة، قد يبدأ المستثمرون في منطقة اليورو بتحويل استثماراتهم إلى الأصول ذات المخاطر العالية. تاريخيًا، بيتكوين الذي شهد انخفاضات سابقاً في أوقات التضخم المرتفع، قد انتعش في فترات تخفيف السياسات وهدوء السوق.

المحللون قد لاحظوا باستمرار كيف تؤثر تقلبات أسعار الطاقة على تدفقات الأصول الرقمية. في فترات القلق من التضخم، يقوم بعض المستثمرين باللجوء إلى العملات الرقمية كوسيلة للحماية. وأحيانًا، تؤثر أسعار الطاقة المرتفعة سلبًا، خصوصًا في أوروبا، على أنشطة التعدين واهتمام المستثمرين. ومن المحتمل أن يساعد استقرار سوق الطاقة في تخفيف حدة هذه التحديات.

تأتي تعليقات بويانيه في الوقت الذي تواصل فيه أوروبا تعزيز جهودها لتنويع مصادر الطاقة. وهذا أمرٌ ذو دلالة جيوسياسية. فإذا تمكن الاتحاد الأوروبي أخيرًا من إغلاق ملف الغاز الروسي، فلن يكون ذلك مجرد انتصار في مجال الطاقة؛ بل خطوة تُعزز الاستقلالية الإقليمية على المدى الطويل، وستمتد آثارها إلى الأسواق العالمية.

جهود الاتحاد الأوروبي في مجال المناخ تُغيّر قواعد اللعبة بالنسبة لمُعدني العملات المشفرة

هناك بعد آخر هنا: تعدين العملات الرقمية. لقد أسفر الانتقال الأوروبي نحو الطاقة المستدامة عبر برنامج “Fit-for-55” وأهداف إزالة الكربون الأكبر عن زيادة أسعار الكهرباء بالفعل. ورغم أن هذا يؤذي اقتصاديات تعدين إثبات العمل (PoW) في جميع أنحاء القارة، إلا أنه يوجه القطاع أيضًا نحو نماذج أكثر نظافة وكفاءة.

قد تعطي ثقة توتال إنرجيز في استقرار إمدادات الطاقة الاتحاد الأوروبي فرصة أكبر لتحقيق استقلاله في مجال الطاقة وتحقيق أهداف المناخ. وهذا يعتبر ذو أهمية كبيرة بالنظر إلى استمرار الهيئات التنظيمية في التباحث حول قوانين التعدين، تعويضات الكربون، والبنية التحتية المستدامة لتقنية البلوك تشين.